تفسير رسالة بطرس الرسول الأولى اصحاح 2 جـ2
وماهي الذبائح الروحية المقبولة عند الله بيسوع المسيح؟
1. ذبح الإرادة البشرية أو الأنا... وهي أجمل ذبيحة... يرفع الإنسان يده بالصليب كسكين روحيّة يذبح إرادته الذاتية واشتياقاته الخاصة التي يتبناها، وذلك كما رفع إبراهيم السكين لذبح إسحق. وكما رجع اسحق حيًا. لكنه عاد ابن البركة والموعد، هكذا نذبح إرادتنا بالصليب فلا نصير بلا إرادة بل تعود لنا إرادة المسيح القوية واشتياقات وفكر المسيح. وبهذا نترنم مع الرسول قائلين "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا" لقد صلبت "الأنا" ليصير لي "المسيح يحيا فيّ".
2. ذبيحة التواضع أمام الله والناس، وكما يقول المرتل "لأنك لا تُسَر بذبيحة وإلاَّ فكنت أقدمها، بمحرقة لا ترضي. ذبائح الله هي روح منسحقة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز ٥١: ١٦- ١٧).
3. ذبيحة الأعمال الصالحة، وكما يقول الرسول: "ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر الله" (عب ١٣: ٦)، ويقول المرتل: "اذبحوا ذبائح البرّ" (مز ٤: ٥). فصنع الخير أو عمل البرّ فيه تَرْك وحرمان وبذل، فيه حَمْل صليب، لهذا فإن الله يشتّّمه خلال صليب الرب ذبيحة برّ مقبولة لديه.
4. ذبائح الآلام والأتعاب من أجل الرب، وكما يقول الرسول "من سيفصلنا عن محبة المسيح، أشدة أم ضيق... كما هو مكتوب أننا من أجلك نمات كل النهار. قد حُسِبْنا مثل غنم للذبح" (رو ٨: ٢٥-٢٦).
5. ذبيحة الجسد، فالمؤمن لا ينظر إلى الجسد ذاته كعدو، إنما بالعكس يلزمه كقول الرسول أن يحبه ويقوته ويربيه (أف ٥: ٢٥-٢٩). وعندما يتحدث الكتاب المقدس أو أحد الآباء عن معاداتنا للجسد إنما يقصد به شهوات الجسد وأعماله الأرضية.
وقد كتب القديس أغسطينوس كتابًا خاصًا عن ضبط النفس يقصد به الكشف عن أهمية الجسد ويرد فيه على الهراطقة الذين يعادون الجسد.
إذن ليُرْبَط الجسد بأربطة الحب، وليُقدم على المذبح، ولتمسك بصليب الرب، مُقَدِّمًا أعضاء جسدك ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله (رو ١٢: ١)، فتذبحه كأعضاء إثم للموت ليقوم بالرب يسوع أعضاء برّ لله. وهكذا تتقدس أعضاء الجسد وحواسه وميوله وشهواته، لتكون طاقة مُعينة للروح بدلاً من أن تكون محاربة لها.
6. ذبيحة الحمد والشكر: يوصينا الرسول: "فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح، أي ثمر شفاه معترفة باسمه" (عب ١٣: ١٥). وذبيحة الحمد والشكر هي ذبائح الملائكة. فالسمائيون ليس لهم جسد مادي مثلنا يقدمونه ذبيحة مقدسة، ولا ممتلكات مادية يدفعون منها لمحتاجين، ولا من يضايقهم فيسامحونه، وليست لهم إرادة مخالفة لإرادة سيدهم حتى يرفضوها، ولا يقعون تحت آلام جسدية. فماذا يقدمون لله سوى ذبيحة التسبيح والشكر الدائم!
لهذا تدرب الكنيسة أولادها على حياة التسبيح كما في الابصلمودية والمزامير والألحان لكي تمرن ألسنتهم على عمل الملائكة.
ويقدم لنا العظيم أنبا أنطونيوس أب الرهبان هذا التدريب: [عندما تنام على سريرك تذكر بركات الله وعنايته بك، واشكره على هذا. فإذ تمتلىء بهذا تفرح في الروح... مقدمًا لله تسبيحًا يرتفع إلى الأعالي. لأنه عندما لا يوجد شر في الإنسان، فإن الشكر وحده يرضي الله أكثر من تقدمات كثيرة.]
غير أن هذه الذبائح جميعها يتقبلها الآب بالرب يسوع المسيح.
"لذلك يتضمن أيضًا في الكتاب هأنذا أضع في صهيون حجر زاوية، مختارًا كريمًا، والذي يؤمن به لن يخزى" [6].
1. لقد وضع الآب ابنه حجر زاوية في صهيون أي في الكنيسة. به يدخل المؤمن في عضوية الكنيسة ليكون عضوًا في جسد الرب السري.
لقد رأي هرماس ربنا يسوع صخرة قديمة وبابًا جديدًا فسأل عن سبب ذلك فقيل له:
[هذه الصخرة وهذا الباب هما ابن الله.
قلت: كيف تكون الصخرة قديمة والباب جديدًا؟
قال لي: أنصت وافهم أيها الإنسان الجاهل. إن ابن الإنسان قديم عن كل الخليقة وهو شريك الآب في عمل الخلقة، لهذا فهو "أزلي".
قلت: ولماذا الباب جديد يا سيدي؟
أجاب: لأنه قد "أُظْهِر في الأزمنة الأخيرة" (١ بط ١: ٢٠) لهذا صارت البوابة جديدة، حتى أن الذين يخلصون بها يدخلون ملكوت الله.
قال: أترى كيف أن الحجارة التي دخلت خلال البوابة استخدمت في بناء البرج (الكنيسة)، وأما التي لم تدخل فألقيت مرة أخرى إلى موضعها خارجًا؟
قلت: إنني أرى ذلك يا سيدي.
ثم أكمل قائلاً: هكذا لا يدخل أحد ملكوت الله ما لم يستلم اسم (المسيح) القدوس، لأنك متى رغبت... في دخول مدينة مسورة بسور وليس لها إلاَّ باب واحد، فإنك لا تقدر الدخول بغيره... هكذا بنفس الكيفية لا يقدر إنسانًا أن يدخل ملكوت الله إلاَّ بواسطة اسم ابنه الحبيب.]
2. ربنا يسوع هو حجر الزاوية الذي يضبط البناء كله ويربط بعضه البعض. وكما يقول القديس أغسطينوس: [إن حجر الزاوية يربط بين حائطين، هكذا لما رفض اليهود الأشرار الإيمان به جمع الذين آمنوا به منهم مع كثيرين من الذين كانوا قبلاً أممًا... وبهذا ربط بين الاثنين دون أن يحابي اليهود كما كانوا يظنون في تعصبهم الأعمى.]
3. ربنا يسوع هو أيضًا حجر الزاوية السري الذي ربط بين حائط العهد القديم وحائط العهد الجديد... فعلى جبل طابور اجتمع بموسى مستلم الشريعة وإيليا النبي وثلاثة من التلاميذ، رابطًا وموحدًا بين العهدين، معلنًا أنه حجر الزاوية للشريعة والنبوة والكرازة بالإنجيل.
"فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة، أما الذين لا يطيعون فالحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية" [7] .
قيل أنه في بناء هيكل سليمان جاءوا بحجرٍ ضخم جدًا فلم يجد البناءون له نفعًا فتركوه وأهملوه، ولما بحثوا عن حجرٍ ليكون رأسًا للزاوية لم يجدوا حجرًا يصلح لذلك سواه ففرح به البناءون.
هكذا رفض اليهود ربنا يسوع واحتقروه صالبين إياه. لأنهم يريدون مسيحًا حسب أهوائهم الأرضية يملك ملكًا أرضيًا. أما الذين آمنوا به فوجدوا "يسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، الذي فيه كل البناء مركبًا معًا، ينمو هيكلاً مقدسًا في الرب، الذي فيه أنتم مبنيون معًا مسكنا لله في الروح" (أف ٢: ٢٠-٢٢).
لقد وجدناه، الصخرة غير الجامدة، الصخرة الروحية التي تتابعنا ونشرب منها شرابًا واحدًا روحيًا (١ كو ١٠: ٤).
يقول القديس أغسطينوس: [عرفه اليهود فصلبوه، وأما العالم كله فسمع عنه وآمن.]
ويقول الرسول إنه بالنسبة للرافضين "حجر صدمة وصخرة عثرة الذين يعثرون غير طائعين للكلمة، الأمر الذي جُعِلوا له" [8] .
قوله "الذي جُعِلوا له" لا يعني أن الله هو الذي أراد رفضهم، وإنما هم رفضوه وقد سبق فأعلن الرب عما سيفعلونه (أش ٨: ١٣-١٥)، بل وأعلنه بفمه الإلهي قائلاً: "كل من سقط على ذلك الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه" (لو ٢٠: ١٧-١٨). إنه كالحجر اصطدموا به، وحتى لا يلقى باللوم عليه قيل "وصخرة عثرة". الصخرة بطبيعتها ضخمة يليق بالسائر أن يراها فلا يصطدم بها، لكنهم في عدم طاعتهم تعثروا فيه أما هو فلم يتأثر ولا تزحزح! بقلبهم الحجري لم يطيعوا اللوح الحجري (الكلمة المنقوشة على الحجر)، فاصطدموا بالحجر الحي وتعثروا فيه، أما نحن فإذ نطيعه لا نصطدم به.
ويقول القديس أغسطينوس:
[يمكنك بقلب غير حجري أن ترى في تلك الألواح الحجرية (العهد الجديد) ما يناسب الشعب غليظ الرقبة، وفي نفس الوقت تستطيع أن ترى أيضًا "الحجر" عريسك الذي نعته بطرس بحجر حي...
بالنسبة لهم هو "حجر صدمة وصخرة عثرة"، أما بالنسبة لك فهو "الحجر الذي رفضه البناءون قد صار رأس الزاوية"...
لا تخف عندما تقرأ هذه الألواح، فإنها مرسلة لك من عريسك. فبالنسبة لغيرك هي حجر إشارة إلى عدم الحساسية، وأما أنت فهي تشير إلى القوة والثبات.
بإصبع الله كُتِبَت هذه الألواح، وبإصبع الله تخرج الشياطين، وبإصبع الله تطرد تعاليم الشياطين التي تمزق الضمير.]
وماهي الذبائح الروحية المقبولة عند الله بيسوع المسيح؟
1. ذبح الإرادة البشرية أو الأنا... وهي أجمل ذبيحة... يرفع الإنسان يده بالصليب كسكين روحيّة يذبح إرادته الذاتية واشتياقاته الخاصة التي يتبناها، وذلك كما رفع إبراهيم السكين لذبح إسحق. وكما رجع اسحق حيًا. لكنه عاد ابن البركة والموعد، هكذا نذبح إرادتنا بالصليب فلا نصير بلا إرادة بل تعود لنا إرادة المسيح القوية واشتياقات وفكر المسيح. وبهذا نترنم مع الرسول قائلين "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا" لقد صلبت "الأنا" ليصير لي "المسيح يحيا فيّ".
2. ذبيحة التواضع أمام الله والناس، وكما يقول المرتل "لأنك لا تُسَر بذبيحة وإلاَّ فكنت أقدمها، بمحرقة لا ترضي. ذبائح الله هي روح منسحقة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز ٥١: ١٦- ١٧).
3. ذبيحة الأعمال الصالحة، وكما يقول الرسول: "ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر الله" (عب ١٣: ٦)، ويقول المرتل: "اذبحوا ذبائح البرّ" (مز ٤: ٥). فصنع الخير أو عمل البرّ فيه تَرْك وحرمان وبذل، فيه حَمْل صليب، لهذا فإن الله يشتّّمه خلال صليب الرب ذبيحة برّ مقبولة لديه.
4. ذبائح الآلام والأتعاب من أجل الرب، وكما يقول الرسول "من سيفصلنا عن محبة المسيح، أشدة أم ضيق... كما هو مكتوب أننا من أجلك نمات كل النهار. قد حُسِبْنا مثل غنم للذبح" (رو ٨: ٢٥-٢٦).
5. ذبيحة الجسد، فالمؤمن لا ينظر إلى الجسد ذاته كعدو، إنما بالعكس يلزمه كقول الرسول أن يحبه ويقوته ويربيه (أف ٥: ٢٥-٢٩). وعندما يتحدث الكتاب المقدس أو أحد الآباء عن معاداتنا للجسد إنما يقصد به شهوات الجسد وأعماله الأرضية.
وقد كتب القديس أغسطينوس كتابًا خاصًا عن ضبط النفس يقصد به الكشف عن أهمية الجسد ويرد فيه على الهراطقة الذين يعادون الجسد.
إذن ليُرْبَط الجسد بأربطة الحب، وليُقدم على المذبح، ولتمسك بصليب الرب، مُقَدِّمًا أعضاء جسدك ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله (رو ١٢: ١)، فتذبحه كأعضاء إثم للموت ليقوم بالرب يسوع أعضاء برّ لله. وهكذا تتقدس أعضاء الجسد وحواسه وميوله وشهواته، لتكون طاقة مُعينة للروح بدلاً من أن تكون محاربة لها.
6. ذبيحة الحمد والشكر: يوصينا الرسول: "فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح، أي ثمر شفاه معترفة باسمه" (عب ١٣: ١٥). وذبيحة الحمد والشكر هي ذبائح الملائكة. فالسمائيون ليس لهم جسد مادي مثلنا يقدمونه ذبيحة مقدسة، ولا ممتلكات مادية يدفعون منها لمحتاجين، ولا من يضايقهم فيسامحونه، وليست لهم إرادة مخالفة لإرادة سيدهم حتى يرفضوها، ولا يقعون تحت آلام جسدية. فماذا يقدمون لله سوى ذبيحة التسبيح والشكر الدائم!
لهذا تدرب الكنيسة أولادها على حياة التسبيح كما في الابصلمودية والمزامير والألحان لكي تمرن ألسنتهم على عمل الملائكة.
ويقدم لنا العظيم أنبا أنطونيوس أب الرهبان هذا التدريب: [عندما تنام على سريرك تذكر بركات الله وعنايته بك، واشكره على هذا. فإذ تمتلىء بهذا تفرح في الروح... مقدمًا لله تسبيحًا يرتفع إلى الأعالي. لأنه عندما لا يوجد شر في الإنسان، فإن الشكر وحده يرضي الله أكثر من تقدمات كثيرة.]
غير أن هذه الذبائح جميعها يتقبلها الآب بالرب يسوع المسيح.
"لذلك يتضمن أيضًا في الكتاب هأنذا أضع في صهيون حجر زاوية، مختارًا كريمًا، والذي يؤمن به لن يخزى" [6].
1. لقد وضع الآب ابنه حجر زاوية في صهيون أي في الكنيسة. به يدخل المؤمن في عضوية الكنيسة ليكون عضوًا في جسد الرب السري.
لقد رأي هرماس ربنا يسوع صخرة قديمة وبابًا جديدًا فسأل عن سبب ذلك فقيل له:
[هذه الصخرة وهذا الباب هما ابن الله.
قلت: كيف تكون الصخرة قديمة والباب جديدًا؟
قال لي: أنصت وافهم أيها الإنسان الجاهل. إن ابن الإنسان قديم عن كل الخليقة وهو شريك الآب في عمل الخلقة، لهذا فهو "أزلي".
قلت: ولماذا الباب جديد يا سيدي؟
أجاب: لأنه قد "أُظْهِر في الأزمنة الأخيرة" (١ بط ١: ٢٠) لهذا صارت البوابة جديدة، حتى أن الذين يخلصون بها يدخلون ملكوت الله.
قال: أترى كيف أن الحجارة التي دخلت خلال البوابة استخدمت في بناء البرج (الكنيسة)، وأما التي لم تدخل فألقيت مرة أخرى إلى موضعها خارجًا؟
قلت: إنني أرى ذلك يا سيدي.
ثم أكمل قائلاً: هكذا لا يدخل أحد ملكوت الله ما لم يستلم اسم (المسيح) القدوس، لأنك متى رغبت... في دخول مدينة مسورة بسور وليس لها إلاَّ باب واحد، فإنك لا تقدر الدخول بغيره... هكذا بنفس الكيفية لا يقدر إنسانًا أن يدخل ملكوت الله إلاَّ بواسطة اسم ابنه الحبيب.]
2. ربنا يسوع هو حجر الزاوية الذي يضبط البناء كله ويربط بعضه البعض. وكما يقول القديس أغسطينوس: [إن حجر الزاوية يربط بين حائطين، هكذا لما رفض اليهود الأشرار الإيمان به جمع الذين آمنوا به منهم مع كثيرين من الذين كانوا قبلاً أممًا... وبهذا ربط بين الاثنين دون أن يحابي اليهود كما كانوا يظنون في تعصبهم الأعمى.]
3. ربنا يسوع هو أيضًا حجر الزاوية السري الذي ربط بين حائط العهد القديم وحائط العهد الجديد... فعلى جبل طابور اجتمع بموسى مستلم الشريعة وإيليا النبي وثلاثة من التلاميذ، رابطًا وموحدًا بين العهدين، معلنًا أنه حجر الزاوية للشريعة والنبوة والكرازة بالإنجيل.
"فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة، أما الذين لا يطيعون فالحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية" [7] .
قيل أنه في بناء هيكل سليمان جاءوا بحجرٍ ضخم جدًا فلم يجد البناءون له نفعًا فتركوه وأهملوه، ولما بحثوا عن حجرٍ ليكون رأسًا للزاوية لم يجدوا حجرًا يصلح لذلك سواه ففرح به البناءون.
هكذا رفض اليهود ربنا يسوع واحتقروه صالبين إياه. لأنهم يريدون مسيحًا حسب أهوائهم الأرضية يملك ملكًا أرضيًا. أما الذين آمنوا به فوجدوا "يسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، الذي فيه كل البناء مركبًا معًا، ينمو هيكلاً مقدسًا في الرب، الذي فيه أنتم مبنيون معًا مسكنا لله في الروح" (أف ٢: ٢٠-٢٢).
لقد وجدناه، الصخرة غير الجامدة، الصخرة الروحية التي تتابعنا ونشرب منها شرابًا واحدًا روحيًا (١ كو ١٠: ٤).
يقول القديس أغسطينوس: [عرفه اليهود فصلبوه، وأما العالم كله فسمع عنه وآمن.]
ويقول الرسول إنه بالنسبة للرافضين "حجر صدمة وصخرة عثرة الذين يعثرون غير طائعين للكلمة، الأمر الذي جُعِلوا له" [8] .
قوله "الذي جُعِلوا له" لا يعني أن الله هو الذي أراد رفضهم، وإنما هم رفضوه وقد سبق فأعلن الرب عما سيفعلونه (أش ٨: ١٣-١٥)، بل وأعلنه بفمه الإلهي قائلاً: "كل من سقط على ذلك الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه" (لو ٢٠: ١٧-١٨). إنه كالحجر اصطدموا به، وحتى لا يلقى باللوم عليه قيل "وصخرة عثرة". الصخرة بطبيعتها ضخمة يليق بالسائر أن يراها فلا يصطدم بها، لكنهم في عدم طاعتهم تعثروا فيه أما هو فلم يتأثر ولا تزحزح! بقلبهم الحجري لم يطيعوا اللوح الحجري (الكلمة المنقوشة على الحجر)، فاصطدموا بالحجر الحي وتعثروا فيه، أما نحن فإذ نطيعه لا نصطدم به.
ويقول القديس أغسطينوس:
[يمكنك بقلب غير حجري أن ترى في تلك الألواح الحجرية (العهد الجديد) ما يناسب الشعب غليظ الرقبة، وفي نفس الوقت تستطيع أن ترى أيضًا "الحجر" عريسك الذي نعته بطرس بحجر حي...
بالنسبة لهم هو "حجر صدمة وصخرة عثرة"، أما بالنسبة لك فهو "الحجر الذي رفضه البناءون قد صار رأس الزاوية"...
لا تخف عندما تقرأ هذه الألواح، فإنها مرسلة لك من عريسك. فبالنسبة لغيرك هي حجر إشارة إلى عدم الحساسية، وأما أنت فهي تشير إلى القوة والثبات.
بإصبع الله كُتِبَت هذه الألواح، وبإصبع الله تخرج الشياطين، وبإصبع الله تطرد تعاليم الشياطين التي تمزق الضمير.]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.