الأربعاء، 13 مارس 2013

تأملات روحية فى القداس الآلهى – الجزء الثالث

تأملات روحية فى القداس الآلهى – الجزء الثالث

القداس الإلهي شركة مع السمائيين:

+ وبعد "الرب مع جميعكم" تصلي الكنيسة مع أبونا: "مستحق وعادل" ... مستحق التسبيح والتمجيد والشكر والسجود على الدوام بأصوات البركة التي لا تسكت والأفواه التي لا تفتـر لأنه تجسد وخلصنا من قيود الخطية وسلطان الموت ... "فإن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة" (رو6: 14) ... لذا كلما سقطنا نقوم.
+ مستحق لأنه الآن أيضاً في هذا القداس الطاهر يرفع قلوبنا لنعاين مجده بعيون الإيمان التي وهبها لنا.
+ مستحق ... مستحق ... مستحق لأمور لا تحصى ولا تعد فإنه بالحقيقة أسر قلوبنا إليه من فرط محبته العجيبة.
+ عزيزي ... إن التسبيح ثمرة من ثمار الفرح بالرب وبعظيم صنيعه معنا ولا يمكن لإنسان أن يسبح الله بأصوات البركة التي لا تهدأ والأفواه التي لا تفتر إلا ويكون قد اشترك بالفعل مع جماعة المسبحين في السماء لذلك يقول القديس غريغوريوس: "الذي ثبت قيام صفوف غير المتجسدين في البشر, الذي أعطى الذين على الأرض تسبيح السيرافيم, اقبل منا نحن أيضاً أصواتنا مع غير المرئيين, احسبنا مع القوات السمائية".
+ هنا وفي هذا الوقت الرهيب يصرخ الشماس منبهاً الشعب أن يقفوا احتراماً لمهابة السماء الحاضرة معنا بكل مجدها وأن ننظر إلى الشرق حيث التفافهم حول المذبح لأننا "غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلي التي لا ترى لأن التي ترى وقتية أما التي لا ترى فأبدية" (2كو4: 18).

+ وفي النهايـة نطلب من الرب أن يقبل منا نحن الخطاة – إذ قد طرحنـا عنا كل أفكـار الخواطـر الشريـرة – أصواتنـا مع الملائكـة والقديسيـن ونقول له: "قدوس .. قدوس .. قدوس رب الصباؤوت, السماء والأرض مملوءتان من مجدك الأقدس".
+ ليس فقط السمائيين هم الذين يرون مجدك ويسبحونك بل قد أعطيتنا نحن الضعفاء أن نعاين مجدك على الأرض في كل صلاة وبالأكثر في كل قداس، نعاين مجدك داخل قلوبنا.
حبيب الرب يسوع وحبيبنا ... لا تفوتك هذه الشركة الممتعة وهذه المهابة المقدسة التي لقداس المؤمنين.
قدوس ... قدوس ... أنشودة الحب:
+ بعدما نشترك مع السمائيين في التسبيح نسبح إلهنا الصالح الذي اعتنى بالمهملة المدوسـة بدمها ، التي لم تشفق عليها عيـن ولم يرق لها قلب ... ستـرها وزينها بكل زينـة وجملها جداً فصلحت للمملكة السمائية ... (راجع حز 16).
+ فهذه المهملة المدوسة التي سترها وزينها هي نحن، لذلك نسبحه بأصوات المجد قائلين: "قدوس ... قدوس ... قدوس" ونحكي أمام السماء والسمائيين قصة حبه العجيب لنا منذ أن جبلنا وخلقنا ووضعنا في فردوس النعيم وحتى بعدما سقطنا، أرسل لنا الناموس والأنبياء وكل الأدوية المؤدية إلى الحياة وفي آخر الأيام أتى بنفسه ... تجسد وصار إنساناً فبارك طبيعتنا فيه وأبطل الخطية بالجسد إذ جعلنا له شعباً مجتمعاً وصيرنا أطهاراً بروحه القدوس.
+ عزيزي ... إنك تجد الكنيسة في هذا الوقت من القداس الطاهر كعروس متمتعة بحب عريسها وسكرانة من فرط حبه اللانهائي فتتغنى بقصة حبه العجيب لها وكيف دفع دمه ليقتنيها ومات على عود الصليب ليحييها, هذا هو سر ينبوع فرحها الذي لا ينضب, هذا هو سر أغنيتها التي لا تسكت ... هنا يصرخ الشعب من عمق الروح: "حقاً نؤمن".
+ ثم نعترف أمام السمائيين أنه قام من بين الأموات ليقيمنا من موت الخطية وأنه صعد ليصعد باكورتنا إلى السماء وجلس عن يمين أبيه ليجلسنا معه في السماويات وسوف يأتي ليأخذنا لنكون معه كل حين وننظر مجده الذي قبل إنشاء العالم.
+ سوف يأتي ليدين المسكونة بالعدل ويجازي كل واحد كحسب أعماله ... هنا تصرخ الكنيسـة كلها وهي متثقلة من ضعف بشريتـها وفقر حبها وثقل جسـدها وكثافـة الزمن صارخـة: "كرحمتك يا رب وليس كخطايانا".
صلوات الرشومات:
+ هنا نرتفع بصلوات القداس الإلهي إلى أن نصل إلى المذبح ... الناطق السمائي, ولست أدري عزيزي هل نحن في السماء أم على الأرض؟‍! هل رب السماء رفعنا إليه أم هو الذي أتى إلينا؟! كما إنني لا أستطيع أن أحدد لك أنحن في زمان الصليب يوم جمعة الصلبوت حيث الجسد المكسور والدم المسفوك أم نحن في هذا الزمان, زمان القرن الحادي والعشرين؟! ولكن كل ما أستطيع أن أقوله لك بكل صدق وعن حق هو أن مسيحنا فوق الزمان ولا يحويه مكان وهكذا تكون كنيسته وقت القداس الطاهر خارجة معه خارج حدود المكان والزمان.
+ في هذه الصلوات نرتفع من مجرد صلاة إلى حالة سرائرية عجيبة فالكنيسة بواسطة الكهنوت المقدس الملوكي تتقدم إلى المذبح السمائى لتقدم لله الآب ما عندها لتأخذ منه ما عنده ... تقدم لله الأب خبز وخمر ليعطيها جسد ودم ابنه الوحيد الجنس بفعل الروح القدس ... تقدم صعيدتها (خبز وخمر) طالبة بانسحاق شديد وسجود ورعدة أن يرسل علينا روحه القدوس ليطهرنا أولاً ثم يحول صعيدتنا إلى جسد ودم المسيح إلهنا ... هذا الذي هو طهر لكل العالم ... خلاصاً وغفراناً للخطايا وحيـاة أبديـة لمن يتناول منـه لذلك فمن لا يتناول منه يحـرم نفسـه من الحياة الأبدية ويحكم علي نفسه بالموت الابدى.
+ هو الرب يسوع الذي "وضع لنا هذا السر العظيم الذي للتقوى" فلا وسيلة لحياة التقوى إلا به.
+ سر التناول هو طريق التقوى فالذي يثبت في المسيح تسري فيه عصارة المسيح, الكرمة الحقيقية فيثمر ثمرات البر والتقوى.
+ وشكر" ... المسيح شكر الله الآب نيابة عنا لذا ها نحن نقدم شكرنا العاجز مستتر في شكره ونشكر الآب الذي دبر خلاصنا وبذل ابنه الوحيد عنا ... نشكر الابن الذي أكمل لنا الفداء وترك لنا جسده للأكل ودمه للشرب ... نشكر الروح القدس الذي ارتضى أن يحل فينا ليطهرنا من أدناسنا وليؤهلنا للاتحاد بالمسيح ويحول صعيدتنا إلى جسد ودم إلهنا ... إنه سر الشكر العظيم (الإفخارستيا) على هذه النعمة الجليلـة, جسد ودم خلاصنا.
+ "ففيما نحن أيضاً نصنع ذكرى آلامه المقدسة ...": إننا لا نتذكر بل نصنع ذكرى أي إعادة حدوث الفعل (بذل الجسد وسفك الدم) وليس مجرد تذكار لما سبق وحدث فإن عمل الصليب أي جسد المسيح المكسور ودمه المسفوك هو عمل إلهي دائم وقائم إلى الأبد لا ينتهي ونحن في القداس الإلهي نقيمه ليس بأنفسنا أو بتقوانا بل بالروح القدس فإن الصلوات والطقوس والرشومات ما هي إلا أدوات في يد الروح القدس لاستحالة (أى تحول) قرابيننا إلى الجسد المقدس والدم الكريم اللذان لمسيحنا القدوس وكأن الأب الكاهن يقود الكنيسة في موكب حيث الجلجثـة ويرفع الصينيـة ليجمع فيها جسد المسيح المتناثر من جراء الجلدات, ويرفع الكأس تحت الصليب ليجمع فيه الدم الذكي المسفوك.
+ "ففيما نحن أيضاً نصنع ذكرى آلامه .. وقيامته .. وظهوره الثاني الآتي من السماوات المخوف المملوء مجداً" ... هذا وفي القداس الإلهي يتلاشى الزمن ففي حضرة مسيحنا الذي هو فوق الزمان نخرج نحن معه من دائرة الزمن ونقف في القداس الإلهي أمام الدينونة الرهيبة – ظهوره الثاني - فإن كل من أكل جسـد الرب وشرب دمه باستحقاق فقد عبر الدينونة ... يا للحظات الرهيبة في القداس الإلهي!! ... جدير بكل واحد منا أن يعترف بخطاياه أمام الرب ويطلب الرحمة لنفسه وأخواته وللكنيسة كلها فالانسحاق والتوبة هو سر الاستحقاق الحقيقي.
+ "وهذا الخبز يجعله ...": وأثناء ما يصلي أبونا هذه الكلمات يرشم الخبز ثلاث رشومات بسرعة بعلامة الصليب قبل أن يتحول إلى جسد المسيح ثم يكمل: "وهذا الخبز يجعله جسـداً مقدساً له" ... هنا صار الخبز جسداً ولا يمكن لأبونا أن يرشم على الجسد المقدس فإن الجسد المقدس هو عمانوئيل إلهنا أي الله معنا الآن, جسداً حياً ومحيياً ودماً حياً ذكياً.        
أواشي ما بعد التحول:

+ عزيزي ... ما أرهب هذا المكان ... نحن الآن بعد الاستحالة (التحول) نحيا أرهب وأشهى لحظات عمرنا ... لحظات كلها غبطة  وقداسة إذ نقف في الكنيسة بيت الله وأمام باب السماء.
+ فها نحن اليوم نحيا في حقيقة الرؤيا التي رآها أبونا يعقوب أب الآباء في قديم الزمان وفال "ماأرهب هذا المكان".
+ فإن ذاك الجالس على الشاروبيم ها هو اليوم ذبيح على المذبح, ملك الملوك الذي ملك على خشبة الصليب ها هو اليوم يملك على قلوبنا من فوق المذبح ... إنها لحظات فيها تنجذب مشاعرنا وأفكارنا وقلوبنا بالكلية نحو مجال الحب الإلهي ... كم نشتاق أن تسود هذه اللحظات حياتنا كلها فتصبح حياتنا بكل دقائقها وثوانيها قداس واحد لا ينتهي.
+بدالّة الحب الإلهي المتجسد أمامنا على المذبح تجد الكنيسة نفسها قريبة جداً جداً من قلب الله لذلك تنتهز هذه الفرصة وتبدأ صلوات الأواشي التي هي طلبات وتضرعات من أجل الكثيرين على قدر ما سكب فيها الروح القدس من حب.
+ لذلك تقف الكنيسة موقف الشفيع الذي يشفع في العالم أجمع والخليقة كلها فتطلب من أجل سلامة الكنيسة والآباء والهواء وثمار الأرض والرؤساء ولا تنسى أحداً ... على سبيل المثال اقرأ هذه الطلبة المفعمة بالحب للجميع بمن فيهم الأعداء: "والقسوس والشمامسة والأبوذياقونيين والأغنسطسيين والمرتلين والقراء والرهبان والعذارى والأرامل والأيتام والنساك والعلمانيين والمتزوجين ومربي الأولاد, الذين قالوا لنا اذكرونا والذين لم يقولوا, الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم, أعدائنا وأحبائنا, اللهم ارحمهم" (من أواشي القداس الكيرلسي) ... هل وجدت نفسك في أي من هؤلاء؟ عجيبة هي الكنيسة التي لا تفرق بين عدو أوحبيب! هذه هي الكنيسة المملوءة حباً وهذا هو الذبيح مصدر الحب كله.
صلوات مجمع القديسين:
+ بعد الأواشي وبعد أن تجد الكنيسة نفسها في مكانة قريبة جداً من المسيح وبالدرجة التي تجعلها شفيعة في العالم الذي تعيش فيه... بعد كل هذا تتذكر الكنيسة أنها مازالت لم تكمل جهادها بعد ... مازالت تحت الآلام ... تحيا وسط آتون العالم المحمى سبعة أضعاف ... حينئذ تتذكر القديسين أحبائنا الذين أكملوا جهادهم وسبقونا وتتوسل إلى الذي أعانهم وأكمل لهم جهادهم أن يعيننا في غربتنا.

+ كلما نتحد بالمسيح رأسنا نتحسس وحدتنا الحقيقية مع القديسين ، فالقديسين هم أعضاء معنا في جسد واحد هو الكنيسة ورأسه المسيح.
+ كنيستنا الحبيبة كنيسة محبة جداً للقديسين لأن القديسين كواكب منيرة فحياتهـم نور لنا وأقوالهـم نافعـة لخلاصنا ... القديسيـن امتـلأت قلوبهـم محبـة للمسيـح فأحبـوه وداسـوا العالـم بأقدامهـم بل ولم يحبوا حياتهم التي على الأرض حتى الموت واشتهوا الوجود الدائم مع الحبيب.
+ إن القديسين ذوي رائحة عطرة فمجرد ذكر أسمائهم يملأ نفوسنا غبطة وسعادة وسلام لذلك فإن صلاة المجمع صلاة ممتعة جداً ومعزية جداً فمجمع القديسين سند للسائرين في طريق السماء ومع كل ذكر لاسم قديس نتذكر فضائله التي هي ثمار الروح فيه ونطلب شفاعته عنا حتى كما أكمل جهاده نكمل نحن أيضاً ... فالحب الذي في قلب القديس من نحونا والوحدانية التي تربطه بنا تجعله يقدم من أجلنا صلاة قوية مقبولة أمام المسيح كرائحة البخور.
+ ربنا يسوع هو الذي وحّد وألّف السمائيين مع الأرضيين والشعب مع الشعوب والنفس مع الجسد فهو الذي وحّد القديسين المكرمين معنا نحن الذين تحت الآلام حتى أن القديس بولس الرسول قال إننا: "رعية مع القديسين وأهل بيت الله" (أف2: 19).
+ مع ذكر اسم كل قديس في صلاة المجمع تلتهب قلوبنا فرحاً بهم ... فرحاً بطهارتهم المنشودة ... بنسكياتهم العالية التي تعبر عن محبتهم العجيبة وهكذا مع نهاية صلاة المجمع تمتلئ نفوسنا غبطة وفرحاً بهم.
+ بصلوات المجمع نتأكد من عظم مقدار سحابة الشهود الجبارة المحيطة بنا والتي تنشئ في أعماقنا سلاماً وطمأنينة قلب تسندنا في حروبنا إذ أن شفاعتهم قوية ومقبولة فتصد عنا سهام إبليس المتقدة ناراً وتحمينا من كل المصائد الشيطانية.
+ سماع أسماء القديسين يبكت نفوسنا الرخوة إذ عندما نقارن حياتنا بحياتهم وقلوبنا بقلوبهم نجد الاختلاف الشاسع فنشتعل غيرة فوق غيرة وأشواق فوق أشواق لنقدم للمسيح نفوساً طاهرة نقية وقلوباً منسحقة.
+ وهكذا في نهاية صلاة المجمع يجمع كل منا مجموعة تشفعات وصلوات صاعدة أمام منبر المسيح ويشتمّها رائحة بخور زكيه ويستجيب طلباتهم عنا ويرحمنا.
+ "إننا يا سيدنا لسنا أهلاً أن نتشفع في طوباوية أولئك القديسين بل هم القائمون أمام منبر ابنك الوحيد ليكونون هم عوضاً عنا يتشفعون في مذلتنا ومسكننا وضعفنا ... كن غافراً لخطايانا , تاركاً لأثامنا من أجل طلباتهم المقدسة ومن أجل اسمك القدوس المبارك الذي دعي علينا".
+ "بركاتهم المقدسة فلتكن معنا آمين ... المجد لك يا رب..."
 لأنك أنت الذي صنعت منهم قديسين. يا رب ارحم, يا رب باركنا, اغفر لنا خطايانا وباركنا لنسلك مسلكهم ونقتني قلوباً نقية مثلهم ونكمل أيام غربتنا بسلام إلى أن نلقاك".

أولئك يارب:
+ "أولئك يا رب الذين أخذت نـفوسهـم نـيحهـم" ... بعدما نذكر مجمـع القديسيـن ونتمتـع بأسمائهـم العطـرة نذكـر أحباءنـا الذين سبقونـا إلى الفردوس, نطلب من أجلهم أن ينيحهم المسيح إلهنا في فردوس النعيم.
+ بالحقيقة عزيزي بعد أن عرفنا وآمنّا وأحببنا المسيح, وحياتنا لا تعرف للخسارة معنى, حتى الموت صار ربحاً ... وأي ربح! ... إنه الوصول الآمن إلى ميناء الخلاص ... إلى الحياة الأفضل.
+ وبهذه الصلاة نعلن أننا كنيسة واحدة لها أعضاء على الأرض وآخرين في السماء.
+ ثم تتغنى الكنيسة بمكان الفردوس هكذا: "في فردوس النعيم, في كوره الأحياء إلى الأبد, في أورشليم السمائية, في ذلك الموضع" ... ما أجمل ذلك الموضع فأورشليم تذكرنا بمدينة الملك العظيم ربنا يسوع وهي أيضاً مدينة السلام السمائي الذي ليس له على الأرض شبيه.
+ "أما نحن الغرباء في هذا العالم" ... لابد أن نعيش بقلب غريب ... نتغرب عن العالم وكل ما فيه ... قلوبنا لا تملك فيه شيئاً ونفوسنا لا تتعلق فيه بشيء ... نحيا في حرية مجد أولاد الله ... نستوطن السماء بقلوبنا أي تصير قلوبنا سماء يسكن فيها مسيح المجد.

+ ثم يردد الشعب كله باللحن الرائع البديع: "كما كان .. هكذا يكون .. من جيل إلى جيل .. وإلى دهر الدهور" ... إنها حكمة بليغة لكل غافل فإنه كما سبقنا أحباءنا إلى فردوس النعيم هكذا سيأتي ذلك الوقت الذي أخرج فيه أنا من هذا العالم وأقف وحيداً عريانا أمام الديان العادل ... إنه وقت القداس الإلهي الذي فيه تضمحل الغفلة من قلوبنا إذ أن وجودنا في حضرة الديان ونحن نصنع ذكرى مجيئه الثاني الآتي من السموات هو ذلك الوقت الذي فيه تنضبط قلوبنا ونفوسنا وأفكارنا وكل كياننا برعدة حقيقية كمن هو واقف أمام لهيب نار.
واهدنا الى ملكوتك:

+ "واهدنا إلى ملكوتك" ... اهدنا يا الله إلي ملكوتك نحن والذين رقدوا لأنهم مازالوا في انتظار المجيء الثاني ودخول الملكوت الموعود به.
+ ربي الحبيب يسوع ... إننا بالحقيقة غرباء في هذا العالم ... سلوكنا وحياتنا ... أفكارنا ومشاعرنا كلها مختلفة عن أهل هذا العالم وكلما ازددنا ارتباطاً بك ازدادت الفجوة بيننا وبين العالم وتأصلت مشاعر الغربة في أعماقنا فإن كنا هنا غربـاء ونزلاء فأين هو وطننا المنشود؟! إنه فيك أنت يا مليكنا ... إنه في ملكوتك علينا لذلك من فضلك يا رب اهدنا إلى ملكوتك.
+ ليس لنا هنا مدينة باقية ولكننا من أعماقنا نطلب العتيدة ... كم من مرة اشتهينا أن يكون العالم كله تحت سلطانك يسوده الحب والسلام لكن الحقيقة أن العالم وضع في الشرير لذلك نسر ونفرح أن نتغرب عن العالم لنستوطن السماء.
+ عندئذ يا رب يتمجد ويتبارك ويرتفع اسمك العظيم القدوس لأن وجودنا في ملكوتك لن يكون بسبب تقوانا بل بسبب خلاصك العظيم الذي صنعته لنا بصليبك ... صنعته في داخل الزمن لتخرج بنا معك خارج الزمن حيث الأبدية والخلود.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.