تفسير رسالة بطرس الرسول الأولى اصحاح 1 جـ4
ويُحَدِّث القديس أمبروسيوس الأغنياء ليتأملوا هذا الثمن قائلاً:
[لا يظن أحد أنه قد دُفع عنه ثمن مختلف بسبب غناه. فالغنى في الكنيسة هو الغنى في الإيمان، إذ المؤمن له كل عالم الغنى. أي عجب في هذا إن كان المؤمن يملك ميراث المسيح الذي هو أثمن من العالم؟
لقد قيل للجميع، وليس للأغنياء وحدهم: فقد افتُديتم بدم كريم.
فإن أردتم أن تكونوا أغنياء أطيعوا القائل "كونوا أنتم قديسين في كل سيرة"...
إنه يقول "فسيروا زمان غربتكم بخوف"، وليس بترفٍ أو تنعمٍ ولا في كبرياءٍ بل "بخوفٍ".
إن لكم هنا على الأرض زمانًا ليس أبديًا، فاستخدموه كعابرين منه حتمًا!]
ب. فداء أزلي
"معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم، ولكن قد أُظهِر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم" [20].
لنتأمل محبته الأزليّة، فهذا العمل الفدائي ليس بجديدٍ، لكنه قبل أن يخلقنا، بل قبل تأسيس العالم، منذ الأزل خطة الله مدبرة تجاه الإنسان العاصي ليدفع عنه أجرة عصيانه.
هذا هو موضوع لذة المؤمنين الحقيقيّين أن يدركوا محبة الله الباذلة "من أجلهم هم"، فإن هذا يدفعهم لتقبيل الصليب، وحمله بسرورٍ بالرب يسوع.
ج. يثبت إيماننا ورجاءنا في الآب
"أنتم الذين به تؤمنون بالله الذي أقامه من الأموات، وأعطاه مجدًا حتى أن إيمانكم ورجاءكم هما في الله" [21].
لعل الرسول خشى من البدعة التي نادى بها فيلون السكندري فيما بعد إذ نادى بوجود إلهين: إله العهد القديم قاسي، يعاقب الخطاة ويهلكهم. وإله العهد الجديد وديع ومترفق بهم. لهذا يؤكد الرسول أن ما قام به الابن إنما في طاعة للآب، فإيماننا ورجاؤنا بالمسيح هما في الله الآب، وليس منفصلاً عنه.
لقد أطاع المسيح الآب فـ "مع كونه ابنًا تعلم الطاعة مما تألم به" (عب ٥: 8)، مُسَلِّمًا الإرادة للآب. فأخلى ذاته وتجسد وتألم وقام، وأخذ المجد الذي له بإرادة الآب التي هي وإرادة الابن واحدة.
د. يهبنا إمكانيّة التطهير
"طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح، للمحبة الأخوية العديمة الرياء، فأحبوا بعضكم بعضًا من قلبٍ طاهر] بشدة" [22].
لنتأمل عظمة هذا الخلاص إذ لا يسلب الإنسان حريته، بل طالبه بالعمل: "طهروا نفوسكم"، فلا خلاص لإنسان لا يُطَهِّر نفسه. هذا التطهير يتم بطاعة الحق بالروح، أي طاعة المسيح يسوع بالروح القدس.
فالطاعة هي بإرادتنا حيث نُخْضِع هذه الإرادة لإرادة المسيح فيعمل قصده فينا، والطاعة تستلزم الجهاد والعمل لكن سندنا في ذلك روحه القدوس!
هذه الطاعة تتلخص في حبنا الأخوي، لأن هذا هو قصد الرب يسوع، وهذه هي وصيته، لذلك يقول الرسول:
"للمحبة الأخوية"، حيث يتسع القلب لكل البشرية بلا تمييز أو محاباة.
"عديمة الرياء"، إذ لا تنبع عن دوافع مظهرية بل حب داخلي.
"من قلب طاهر"، قد تَطَهَّر بالروح القدس، وصار نقيًا في غاياته.
"بشدة"، لأنها على مثال حب المسيح الذي مات عنا.
ه. أعطانا ميلادًا جديدًا
"مولودين ثانية لا من زرع يفنى، بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد. لأن كل جسد كعشب، وكل مجد إنسان كزهر عشب. العشب يبس وزهره سقط. وأما كلمة الرب فتثبت إلى الأبد. وهذه هي الكلمة التي بُشِّرْتُم بها" [23-25].
يركز الرسول حديثه على "الولادة الثانية".، لأن خلالها نتمتع بعظمة الخلاص، وخلالها يكون لنا حق الميراث، ونجتاز الآلام والأتعاب ببهجة قلب.
هنا يقارن بين الميلاد الروحي والميلاد الجسدي. فالميلاد الروحي من زرع لا يفنى، مصدره كلمة الله الحيّة الباقية إلى الأبد. ويعني بهذه الكلمة:
1. "اللوغوس" أو الكلمة المتجسد إذ خلال صليبه ودفنه وقيامته صار لنا أن ندفن معه بالمعمودية ونقوم لابسين المسيح (غل ٣: ٢٧).
2. كلمة الكرازة "التي بشرتم بها" وهي تدور حول الصليب الذي بدونه ما كان الميلاد السماوي أن يقوم. وكما يقول القديس أمبروسيوس: [لأن الماء بعد أن تكرس بسرّ صليب الخلاص يصبح مناسبًا لاستعماله في الجرن الروحي وكأس الخلاص. إذ كما ألقى موسى النبي الخشب في تلك العين، هكذا أيضًا ينطق الكاهن على جرن المعمودية بشهادة صليب الرب، فيصبح الماء عذبًا بسبب عمل النعمة.]
1 بطرس رسول يسوع المسيح الى المتغربين من شتات بنتس و غلاطية و كبدوكية و اسيا و بيثينية المختارين
2 بمقتضى علم الله الاب السابق في تقديس الروح للطاعة و رش دم يسوع المسيح لتكثر لكم النعمة و السلام
3 مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات
4 لميراث لا يفنى و لا يتدنس و لا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم
5 انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير
6 الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة
7 لكي تكون تزكية ايمانكم و هي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة و المجد عند استعلان يسوع المسيح
8 الذي و ان لم تروه تحبونه ذلك و ان كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به و مجيد
9 نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس
10 الخلاص الذي فتش و بحث عنه انبياء الذين تنباوا عن النعمة التي لاجلكم
11 باحثين اي وقت او ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم اذ سبق فشهد بالالام التي للمسيح و الامجاد التي بعدها
12 الذين اعلن لهم انهم ليس لانفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الامور التي اخبرتم بها انتم الان بواسطة الذين بشروكم في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة ان تطلع عليها
13 لذلك منطقوا احقاء ذهنكم صاحين فالقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها اليكم عند استعلان يسوع المسيح
14 كاولاد الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم
15 بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة
16 لانه مكتوب كونوا قديسين لاني انا قدوس
17 و ان كنتم تدعون ابا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف
18 عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة او ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الاباء
19 بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب و لا دنس دم المسيح
20 معروفا سابقا قبل تاسيس العالم و لكن قد اظهر في الازمنة الاخيرة من اجلكم
21 انتم الذين به تؤمنون بالله الذي اقامه من الاموات و اعطاه مجدا حتى ان ايمانكم و رجاءكم هما في الله
22 طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الاخوية العديمة الرياء فاحبوا بعضكم بعضا من قلب طاهر بشدة
23 مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية الى الابد
24 لان كل جسد كعشب و كل مجد انسان كزهر عشب العشب يبس و زهره سقط
25 و اما كلمة الرب فتثبت الى الابد و هذه هي الكلمة التي بشرتم بها
ويُحَدِّث القديس أمبروسيوس الأغنياء ليتأملوا هذا الثمن قائلاً:
[لا يظن أحد أنه قد دُفع عنه ثمن مختلف بسبب غناه. فالغنى في الكنيسة هو الغنى في الإيمان، إذ المؤمن له كل عالم الغنى. أي عجب في هذا إن كان المؤمن يملك ميراث المسيح الذي هو أثمن من العالم؟
لقد قيل للجميع، وليس للأغنياء وحدهم: فقد افتُديتم بدم كريم.
فإن أردتم أن تكونوا أغنياء أطيعوا القائل "كونوا أنتم قديسين في كل سيرة"...
إنه يقول "فسيروا زمان غربتكم بخوف"، وليس بترفٍ أو تنعمٍ ولا في كبرياءٍ بل "بخوفٍ".
إن لكم هنا على الأرض زمانًا ليس أبديًا، فاستخدموه كعابرين منه حتمًا!]
ب. فداء أزلي
"معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم، ولكن قد أُظهِر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم" [20].
لنتأمل محبته الأزليّة، فهذا العمل الفدائي ليس بجديدٍ، لكنه قبل أن يخلقنا، بل قبل تأسيس العالم، منذ الأزل خطة الله مدبرة تجاه الإنسان العاصي ليدفع عنه أجرة عصيانه.
هذا هو موضوع لذة المؤمنين الحقيقيّين أن يدركوا محبة الله الباذلة "من أجلهم هم"، فإن هذا يدفعهم لتقبيل الصليب، وحمله بسرورٍ بالرب يسوع.
ج. يثبت إيماننا ورجاءنا في الآب
"أنتم الذين به تؤمنون بالله الذي أقامه من الأموات، وأعطاه مجدًا حتى أن إيمانكم ورجاءكم هما في الله" [21].
لعل الرسول خشى من البدعة التي نادى بها فيلون السكندري فيما بعد إذ نادى بوجود إلهين: إله العهد القديم قاسي، يعاقب الخطاة ويهلكهم. وإله العهد الجديد وديع ومترفق بهم. لهذا يؤكد الرسول أن ما قام به الابن إنما في طاعة للآب، فإيماننا ورجاؤنا بالمسيح هما في الله الآب، وليس منفصلاً عنه.
لقد أطاع المسيح الآب فـ "مع كونه ابنًا تعلم الطاعة مما تألم به" (عب ٥: 8)، مُسَلِّمًا الإرادة للآب. فأخلى ذاته وتجسد وتألم وقام، وأخذ المجد الذي له بإرادة الآب التي هي وإرادة الابن واحدة.
د. يهبنا إمكانيّة التطهير
"طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح، للمحبة الأخوية العديمة الرياء، فأحبوا بعضكم بعضًا من قلبٍ طاهر] بشدة" [22].
لنتأمل عظمة هذا الخلاص إذ لا يسلب الإنسان حريته، بل طالبه بالعمل: "طهروا نفوسكم"، فلا خلاص لإنسان لا يُطَهِّر نفسه. هذا التطهير يتم بطاعة الحق بالروح، أي طاعة المسيح يسوع بالروح القدس.
فالطاعة هي بإرادتنا حيث نُخْضِع هذه الإرادة لإرادة المسيح فيعمل قصده فينا، والطاعة تستلزم الجهاد والعمل لكن سندنا في ذلك روحه القدوس!
هذه الطاعة تتلخص في حبنا الأخوي، لأن هذا هو قصد الرب يسوع، وهذه هي وصيته، لذلك يقول الرسول:
"للمحبة الأخوية"، حيث يتسع القلب لكل البشرية بلا تمييز أو محاباة.
"عديمة الرياء"، إذ لا تنبع عن دوافع مظهرية بل حب داخلي.
"من قلب طاهر"، قد تَطَهَّر بالروح القدس، وصار نقيًا في غاياته.
"بشدة"، لأنها على مثال حب المسيح الذي مات عنا.
ه. أعطانا ميلادًا جديدًا
"مولودين ثانية لا من زرع يفنى، بل مما لا يفنى، بكلمة الله الحية الباقية إلى الأبد. لأن كل جسد كعشب، وكل مجد إنسان كزهر عشب. العشب يبس وزهره سقط. وأما كلمة الرب فتثبت إلى الأبد. وهذه هي الكلمة التي بُشِّرْتُم بها" [23-25].
يركز الرسول حديثه على "الولادة الثانية".، لأن خلالها نتمتع بعظمة الخلاص، وخلالها يكون لنا حق الميراث، ونجتاز الآلام والأتعاب ببهجة قلب.
هنا يقارن بين الميلاد الروحي والميلاد الجسدي. فالميلاد الروحي من زرع لا يفنى، مصدره كلمة الله الحيّة الباقية إلى الأبد. ويعني بهذه الكلمة:
1. "اللوغوس" أو الكلمة المتجسد إذ خلال صليبه ودفنه وقيامته صار لنا أن ندفن معه بالمعمودية ونقوم لابسين المسيح (غل ٣: ٢٧).
2. كلمة الكرازة "التي بشرتم بها" وهي تدور حول الصليب الذي بدونه ما كان الميلاد السماوي أن يقوم. وكما يقول القديس أمبروسيوس: [لأن الماء بعد أن تكرس بسرّ صليب الخلاص يصبح مناسبًا لاستعماله في الجرن الروحي وكأس الخلاص. إذ كما ألقى موسى النبي الخشب في تلك العين، هكذا أيضًا ينطق الكاهن على جرن المعمودية بشهادة صليب الرب، فيصبح الماء عذبًا بسبب عمل النعمة.]
1 بطرس رسول يسوع المسيح الى المتغربين من شتات بنتس و غلاطية و كبدوكية و اسيا و بيثينية المختارين
2 بمقتضى علم الله الاب السابق في تقديس الروح للطاعة و رش دم يسوع المسيح لتكثر لكم النعمة و السلام
3 مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات
4 لميراث لا يفنى و لا يتدنس و لا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم
5 انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير
6 الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة
7 لكي تكون تزكية ايمانكم و هي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة و المجد عند استعلان يسوع المسيح
8 الذي و ان لم تروه تحبونه ذلك و ان كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به و مجيد
9 نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس
10 الخلاص الذي فتش و بحث عنه انبياء الذين تنباوا عن النعمة التي لاجلكم
11 باحثين اي وقت او ما الوقت الذي كان يدل عليه روح المسيح الذي فيهم اذ سبق فشهد بالالام التي للمسيح و الامجاد التي بعدها
12 الذين اعلن لهم انهم ليس لانفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الامور التي اخبرتم بها انتم الان بواسطة الذين بشروكم في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة ان تطلع عليها
13 لذلك منطقوا احقاء ذهنكم صاحين فالقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التي يؤتى بها اليكم عند استعلان يسوع المسيح
14 كاولاد الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم
15 بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة
16 لانه مكتوب كونوا قديسين لاني انا قدوس
17 و ان كنتم تدعون ابا الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد فسيروا زمان غربتكم بخوف
18 عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى بفضة او ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الاباء
19 بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب و لا دنس دم المسيح
20 معروفا سابقا قبل تاسيس العالم و لكن قد اظهر في الازمنة الاخيرة من اجلكم
21 انتم الذين به تؤمنون بالله الذي اقامه من الاموات و اعطاه مجدا حتى ان ايمانكم و رجاءكم هما في الله
22 طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الاخوية العديمة الرياء فاحبوا بعضكم بعضا من قلب طاهر بشدة
23 مولودين ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحية الباقية الى الابد
24 لان كل جسد كعشب و كل مجد انسان كزهر عشب العشب يبس و زهره سقط
25 و اما كلمة الرب فتثبت الى الابد و هذه هي الكلمة التي بشرتم بها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.